الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} {إِن تَتُوبَآ} يا عائشة وحفصة من الإذاعة والمظاهرة أو من السرور بما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم من التحريم. {صَغَتْ} زاغت أو مالت أو أثمت {تَظَاهَرَا} تتعاونا على معصيته {مَوْلاهُ} وليه {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} الأنبياء أو الملائكة أو الصحابة أو علي أو أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم {ظَهِيرٌ} أعوان للرسول صلى الله عليه وسلم. {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} {خَيْراً مِّنكُنَّ} مع أنهن خير نساء ألأمة أي أطوع منكن أو أحب إليه منكن أو خيراً منكن في الدينا {مُسْلِمَاتٍ} مخلصات أو يقمن الصلاة ويؤتين الزكاة كثيراً أو مسلِّمات لأمر الله تعالى ورسوله {مُّؤْمِنَاتٍ} مصدقات بما أمرن به ونهين عنه {قَانِتَاتٍ} مطيعات أو راجعات عما يكرهه الله تعالى إلى ما يحبه {تَآئِبَاتٍ} من الذنوب أو راجعات إلى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم تاركات لمحابهن عابدات لله أو متذللات للرسول صلى الله عليه وسلم بالطاعة. {سَآئِحَاتٍ} صائمات لأن الصائم كالسائح في السفر بغير زاد أو مهاجرات لسفرهن للهجرة {ثَيِّبَاتٍ} كامرأة فرعون {وَأَبْكَاراً} كمريم ابنة عمران سميت الثيب لأنه راجعة إلى زوجها إن أقام معها أو إلى غيره إن فارقها أو لأنها ثابت إلى بيت أبويها وهذا أصح والبكر لأنها على أول حالتها التي خلقت عليها. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} {يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ} قال خيثمة كل ما في القرآن {يَآأَيُّهَا الَّذِينَ ءَاَمَنُواْ} فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه إذا قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فإنها خير تؤمر به أو شر تنهى عنه» {قُواْ أَنفُسَكُمْ} اصرفوا عنها النار {وَأَهْلِيكُمْ} فليقوا أنفسهم أو قوا أنفسكم ومروا أهليكم حتى يقيكم الله تعالى بهم «ع» أو أنفسكم بأفعالكم وأهليكم بوصيتكم إياهم بالطاعة وترك المعصية أو بتعلم الفروض وآداب الدنيا أو بتعلم الخير والأمر به وتعلم الشر والنهي عنه {وَالْحِجَارَةُ} المعبودة أو حجارة الكبريت أو ذكر الحجارة لينبه على أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في أحراق الناس {غِلاظٌ} القلوب {شِدَادٌ} الأبدان. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} {جَاهِدَ الْكُفَّارَ} بالسيف {وَالْمُنَافِقِينَ} بالغلظة أو بالقول «ع» أو بإقامة الحدود أو بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وليلقهم بوجه مكفهر «{وَاغْلُظْ} بالقول الزجر أو بالإبعاد والهجر». {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} {فَخَانَتَاهُمَا} بالكفر أو النفاق «ع» ما بغت امرأة نبي قط أو بالنميمة إذا أوحي إليهما أفشتاه إلى المشركين أو كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون وتخبر الجبابرة بمن آمن به. وإذا نزل بلوط ضيف دخنت امرأته لتعلم قومها به لما كانوا عليه من إتيان الرجال. {فَلَمْ يُغْنِيَا} عن امرأتهما شيئاً من عذاب الله. مَثَلٌ ضربه الله تعالى يحذرهما به لعائشة وحفصة لما تظاهرتا على رسوله ثم ضرب لهما مثلاً بمريم وامرأة فرعون لما اطلع فرعون على إيمانها خرج الملأ فقال: ما تعلمون من آسية بنت مزاحم فأثنوا عليها خيراً قال: فإنها تعبد رباً غيري قالوا اقتلها فأوتد أوتاداً وشدَّ يديها ورجليها فقالت {رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ} الآية فنظرت إلى بيتها في الجنة فضحكت فقال فرعون: ألا تعجبون من جنونها إنا لنعذبها وهي تضحك فقبضت روحها {وَعَمَلهِ} الشرك أو الجماع {الظَّالِمِينَ} أهل مصر أو القبط. {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} {فَرْجَهَا} جيبها {بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} الإنجيل {وَكُتُبِهِ} الزبور أو قول جبريل عليه السلام {إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ} الآية [مريم: 19] وكتبه الإنجيل أو كلمات ربها عيسى وكتبه الإنجيل {الْقَانِتِينَ} المطيعين. {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} {تَبَارَكَ} تفاعل من البركة «ع» وهو أبلغ من المبارك لاختصاص الله تعالى به واشترك الخلق في المبارك أو بارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة أو علا وارتفع {الْمُلْكُ} ملك النبوة أو ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة. {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} {الْمَوْتَ} خلقكم للموت في الدنيا {وَالْحَيَاةَ} في الآخرة أو خلقهما جسمين الموت في صورة كبش أملح والحياة في صورة فرس مأثور حكاه الكلبي ومقاتل {أَحْسَنُ عَمَلاً} أتم عقلاً أو أزهد في الدنيا أو أورع عن محارم الله وأسرع في طاعته مأثور أو أكثر ذكراً للموت وحذراً منه واستعداداً له. {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)} {طِبَاقاً} متشابهة هذا مطابق لهذا أي شبيه به أو بعضها فوق بعض وسبع أرضين بعضها فوق بعض بين كل سماء وأرض خلق وأمر «ح» {تَفَاوُتٍ} اختلاف أو عيب أو تفرق «ع» أو لا يفوت بعضه بعضاً {فَأرْجِعِ الْبَصَرَ} فانظر إلى السماء {فُطُورٍ} شقوق أو خلل أو خروق أو وهن «ع». {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)} {كَرَّتَيْنِ} انظر إليها مرة بعد أخرى قيل أراد بالمرتين قلباً وبصراً {يَنقَلِبْ} يرجع إليكم البصر خاسئاً لأنه لا يرى فطوراً فينفذ {خَاسِئاً} ذليلاً «ع» أو منقطعاً أو كليلاً أو مبعداً خسأت الكلب أبعدته {حَسِيرٌ} نادم أو كليل ضعيف عن إدراك مداه «ع» أو منقطع من الإعياء. {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)} {شَهِيقاً} سمعوه من أنفسهم أو شهيقاً تشهق إليهم شهقة البلغة للشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف «ع» والشهيق في الصدر أو الصياح أو الشهيق في الصدر وهو أول نهيق الحمار، الزفير في الحلق والشهيق في الصدر لبعده منه جبل شاهق لبعده في الهواء {تَفُورُ} تغلي. {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)} {تَمَيَّزُ} تنقطع أو تتفرق «ع» {الْغَيْظِ} الغليان أو غضباً لله تعالى عليهم وانتقاماً منهم، النذير: الرسول والنبي أو النذير من الجن والرسل من الإنس. {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)} {فَسُحْقاً} فبعداً يعني جهنم أو اسم وادٍ فيها. {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)} {بِالْغَيْبِ} الله تعالى وملائكته أو الجنة والنار أو القرآن أو الإسلام أو القلب أو إذا خلا فذكر ذنبه استغفر {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} بالتوبة والاستغفار أو بخشية ربهم بالغيب أو حلو باجتناب الذنوب محل المغفور له {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} الجنة. {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)} {ذَلُولاً} مذللة سهلة، {مَنَاكِبِهَا} جبالها «ع» أو أطرافها أو طرقها أو منابت أشجارها وزرعها {رِّزْقِهِ} الحلال أو مما أنبته لكم. {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} {مَّن فِى السَّمَآءِ} الله «ع» أو الملائكة {تَمُورُ} تتحرك أو تدور أو تسيل ويجري بعضها في بعض. {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)} {مُكِبّاً} مثل ضربه الله تعالى للمتقين [ومعناه] ليس الماشي مكباً لا ينظر بين يديه ولا يميناً ولا شمالاً كمن يشمي معتدلاً ناظراً بين يديه وعن يمينه وشماله فالمكب الكافر يهوي بكفره والذي يمشي سوياً المؤمن يهتدي بإيمانه «ع» أو المكب أبو جهل والذي يمشي سوياً عمار. {صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} طريق واضح لا يضل سالكه أو حق مستقيم. {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} {ذَرَأَكُمْ} جعلكم فيها أو نشركم وفرقكم على ظهرها {تُحْشَرُونَ} تبعثون. {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)} {زُلْفَةً} قريباً أو عياناً {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ظهرت عليها المساءة لما شاهدوه أو ظهر عليها سمة تدل على كفرهم {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] {تَدَّعُونَ} تمترون فيه وتختلفون أو تسألون في الدنيا وتزعمون أنه لا يكون أو تستعجلون بالعذاب أو دعاؤهم بذلك لأنفسهم افتعال من الدعاء يقول لهم ذلك خزنة جهنم. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)} {غَوْراً} ذاهباً أو لا تناله الدلاء وكان ماؤهم من بئر زمزم وبئر ميمون {مَّعِينٍ} عذب «ع» أو ظاهر أو تمده العيون فلا ينقطع أو جاري. {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} {ن} الحوت التي عليها الأرض «ع» أو الدواة مأثور أو حرف من حروف الرحمن «ع»، أو لوح من نور أو اسم للسورة مأثور أو قسم أقسم الله به وله أن يقسم بما شاء أو حرف حروف المعجم {وَالْقَلَمِ} الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ وهو نور طوله ما بين السماء والأرض أو القلم الذي يكتبون [به] لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم. {يَسْطُرُونَ} يعملون «ع» أو يكتبون من الذكر أو الملائكة تكتب أعمال العباد. {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} برحمته ويحتمل أن يكون فيما نفى عنه ما نسبوه إليه من الجنون وقال الكلبي: ما أنت بنعمة ربك بمخفق. {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)} {مَمْنُونٍ} محسوب أو أجراً بغير عمل أو غير ممنون عليك من أذى أو غير منقطع. {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} {خُلُقٍ عَظِيمٍ} دين الإسلام «ع» أو آداب القرآن أو طبع كريم وكل ما أخذ المرء به نفسه من الآداب فهو خلق لأنه يصير كالخلقة فيه وما طبع عليه من الأدب فهو الخيم. {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)} {فَسَتُبْصِرُ} فسترى ويرون يوم القيامة إذا تبين الحق من الباطل أو ستعلم ويعلمون يوم القيامة «ع». {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} {الْمَفْتُونُ} المجنون أو الضال أو الشيطان أو المعذب فتنت الذهب بالنار أحميته. {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} {تُدْهِنُ} تكفر فيكفرون أو تضعف فيضعفون أو تلين فيلينون أو تكذب فيكذبون أو ترخص لهم فيرخصون «ع» أو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك والمداهنة: مجاملة العدو وممايلته أو النفاق وترك المناصحة، المبرد: أدهن الرجل في دينه وداهن في أمره. {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)} {حَلافٍ مَّهِينٍ} كذاب «ع» أو ضعيف القلب أو مكثار من الشر أو الذليل بالباطل الأخنس بن شريق أو الأسود بن عبد يغوث أو الوليد بن المغيرة عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم مالاً وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه. {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} {هَمَّازٍ} مغتاب «ع» أو الذي يلوي شدقيه وراء الناس أو يهمزهم بيده دون لسانه ويضربهم. {مَّشَّآءٍ} ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض أو يسعى بالكذب {بِنَمِيمٍ} جمع نميمة أو النميم والنميمة واحد. {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)} {لِّلْخَيْرِ} لحقوق ماله أو يمنع الناس من الإسلام. {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} {عُتُلٍّ} فاحش مأثور أو قوي في كفره أو الوفير الجسم أو الجافي الشديد الخصومة بالباطل أو الشديد الأشر أو الدعي «ع» أو يعتل الناس فيجرهم إلى حبس أو عذاب من العتل وهو الجر أو الفاحش اللئيم أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم في العتل الزنيم: «إنه الشديد الخلق الرحيب الجوف المصح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس» {زَنِيمٍ} لئيم «ع» مأثور أو ظلوم «ع» أو فاجر أو ولد الزنا أو الدعي أو كان للوليد بن المغيرة زنمة كزنمة الشاة أسفل من أذنه وفيه نزلت أوفى الأخنس بن شريق فسمي زنيماً لأنه حليف مُلْحَق أو الذي يعرف بالأُبْنَة «ع» أو علامة الكفر كقوله {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}. {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)} {ذَا مَالٍ} كان للوليد بن المغيرة حديقة بالطائف واثنا عشر ولداً. {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} {سَنَسِمُهُ} سمة سوداء على أنفه يوم القيامة يتميز بها أو يضرب في النار على أنفه أو وسمه بإشهار ذكره بالقبح أو ما يبتلى به في الدنيا في نفسه وولده وماله من سوء وذل وصغار. المبرد: الخرطوم من الناس الأنف ومن البهائم الشفة. {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)} {بَلَوْنَاهُمْ} أهل مكة بالجوع كرتين كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رماداً أو قريش يوم بدر. قال أبو جهل خذوهم أخذاً واربطوهم في الحبال ولا تقتلوا منهم أحداً فضرب بهم عند القدرة عليهم مثلاً بأصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها. {الْجَنَّةِ} حديقة باليمن بينها وبين صنعاء أثنا عشر ميلاً لقوم من الحبشة أو لشيخ من بني إسرائيل يمسك منها كفايته وكفاية أهله ويتصدق بالباقي فلامه بنوه فلم يطعهم فلما ورثوها عنه قالوا: نحن أحق بها من الفقراء لكثرة عيالنا فأقسموا: أي حلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا} ليقطعن ثمرها صباحاً. {وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18)} {وَلا يَسْتَثْنُونَ} حق المساكين أو قول سبحان الله أو إن شاء الله. {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)} {طَآئِفٌ} أمر من ربك «ع» أو عذاب منه أو عنق من نار جهنم خرج من وادي جهنم {وَهُمْ نَآئِمُونَ} ليلاً. {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)} {كَالصَّرِيمِ} الرماد الأسود «ع» أو الليل المظلم أو كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر. {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)} {فَتَنَادَوْاْ} صاح بعضهم ببعض عند الصباح وكان حرثهم كرماً. {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)} {يَتَخَافَتُونَ} يتكلمون أو يسرون كلامهم حتى لا يعلم بهم أحد أو يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يرونهم أو يتشاورون بينهم. {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)} {حَرْدٍ} غيظ أو جد أو منع أو قصد أو فقر أو حرص أو قدرة «ع» أو غضب أو القرية تسمى حرداً. {قَادِرِينَ} على المساكين أو على جنتهم عند أنفسهم أو موافاتهم إلى الجنة في الوقت الذي قدروه. {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)} {لَضَآلُّونَ} لما رأوا ما أصابها قالوا قد ضللنا الطريق أو أخطأنا مكان جنتنا. {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)} {مَحْرُومُونَ} خير جنتنا. {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)} {أَوْسَطُهُمْ} أعدلهم «ع» أو خيرهم أو أعقلهم {تُسَبِّحُونَ} تستثنون لما قلتم لنصرمنَّها مصبحين سماه تسبيحاً لاشتماله على ذكر الله تعالى أو تذكروا نعمة الله عليكم فتؤدوا حقه من أموالكم. {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)} {بَالِغَةٌ} أي مؤكدة بالله {لَمَا تَحْكُمُونَ} «أن يديم النعمة عليكم إلى يوم القيامة» أو ألاَّ يعذبكم إلى يوم القيامة. {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)} {زَعِيمٌ} كفيل «ع» أو رسول «ح». {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)} {عَن سَاقٍ} الآخرة أو غطاء أو كرب وشدة «ع». كشفت لهم عن ساقها *** وبدا من الشر الصراح أو إقبال الآخرة وإدبار الدنيا لأنه أول الشدائد وروي أن الله تعالى يكشف عن ساقه أي عظم أمره أو نوره وهذا اليوم يوم الموت والمعاينة أو يوم الكبر والهرم والعجز عن العمل أو يوم القيامة. {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} توبيخاً لا تكليفاً عند من رآه يوم القيامة ومن رآه من أيام الدنيا فالأمر بالسجود تكليف أو تنديم وتوبيخ للعجز عنه. {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)} {بِهَذَا الْحَدِيثِ} القرآن {سَنَسْتَدْرِجُهُم} نأخذهم في غفلة أو نتبع السيئة السيئة وننسيهم التوبة «ح» أو أخذهم حيث درجوا ودبوا أو تدريجهم بإدنائهم من العذاب قليلاً بعد قليل حتى يلاقيهم من حيث لا يعلمون لأنهم لو علموا وقت العذاب لارتكبوا المعاصي واثقين بإمهالهم أو يستدرجون بالإحسان والاستدراج النقل من حال إلى حال ومنه الدرجة لأنها منزلة بعد منزلة. {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)} {لِحُكْمِ رَبِّكَ} لقضائه أو نصره. {كَصَاحِبِ الْحُوتِ} في عجلته نادى بـ {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ} الآية [الأنبياء: 87] {مَكْظُومٌ} مغموم «ع» أو مكروب، الغم في القلب والكرب في الأنفاس أو محبوس، كظم غيظه حبسه أو مأخوذ بكظمه وهو مجرى النفَس. {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)} {نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ} نبوته أو عبادته السالفة أو نداؤه بـ {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ} الآية [الأنبياء: 87] أو إخراجه من بطن الحوت {بِالْعَرَآءِ} الأرض الفضاء وهي أرض باليمن أو عراء يوم القيامة وأرض المحشر {مَذْمُومٌ} مليم «ع» أو مذنب معناه أنه نبذ غير مذموم. {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)} {لَيُزْلِقُونَكَ} يصرعونك أو يرمقونك أو يرهقونك أو ينفذونك أو يمسونك بأبصارهم من شدة نظرهم إليك أو يصيبونك بالعين قالوا ما رأينا مثل حججه ونظروا إليه ليعينوه كان أحدهم إذا أراد العين يجوع ثلاثاً ثم يقول: تالله ما رأيت أقوى ولا أشجع ولا أكثر منه مالاً فيصيبه بعينه فيهلك. {الذِّكْرَ} القرآن أو ذكر محمد صلى الله عليه وسلم. {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)} {ذِكْرٌ} شرف أو يذكرهم وعد الجنة والنار. {لِّلْعَالَمِينَ} الجن والإنس أو كل أمة من أمم الخلق ممن يعرف أو لا يعرف. {الْحَاقَّةُ (1)} {الْحَآقَّةُ} ما حق من الوعد والوعيد بحلوله أو القيامة التي يستحق فيها الوعد والوعيد عن الجمهور أو لأنه حق على العاقل أن يخافها أو فيها حقائق الأمور. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)} كل ما في القرآن {وَمَآ أَدْرَاكَ} فقد أعلمه به «وما يدريك» فهو مما لم يعلمه به {مَا الْحَآقَّةُ} تفخيماً لقدرها وشأنها {وَمَآ أَدْرَاكَ} ما هذا الأسم لأنه لم يكن من كلام قومه أو {وَمَآ أَدْرَاكَ} ما يكون في الحاقة. {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)} {بِالْقَارِعَةِ} كل ما قرع بصوت كالصيحة أو بضرب كالعذاب ويجوز أن يكون في الدنيا ويجوز أن يكون في الآخرة. أو القارعة القيامة لأنها تقرع بهولها وشدائدها أو من القرعة في رفع قوم وحط آخرين قاله المبرد. {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)} {بِالطَّاغِيَةِ} الصيحة أو الصاعقة أو الذنوب أو بطغيانهم «ح» أو الطاغية: عاقر الناقة. {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)} {صَرْصَرٍ} بارد من الصر وهو البرد أو شديدة الصوت. {عَاتِيَةٍ} قاهرة أو متجاوزة لحدها أو لا تبقي ولا تذر عتت على خزانها بإذن ربها أو على عاد بلا رحمة ولا رأفة «ع». {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)} {سَبْعَ لَيَالٍ} أولها غداة الأحد أو الأربعاء أو الجمعة {حُسُوماً} متتابعات «ع» أو مشائيم أو حسمت الليالي والأيام حتى استوفتها بدأت طلوع الشمس وانقطعت مع غروبها آخر يوم أو حسمتهم فلم تبق منهم أحداً {خَاوِيَةٍ} بالية أو خالية الأجواف أو ساقطة الأبدان خاوية الأصول شبهوا بها لأن أبدانهم خلت من أرواحهم كالنخل الخاوية أو لأن الريح قطعت رؤوسهم عن أجسادهم أو كانت تدخل من أفواههم فتخرج حشوتهم من أدبارهم فصاروا كالنخل الخاوية. {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)} {قِبَله} من معه و{قَبْلَهُ} من تقدمه {وَالْمُؤْتَفِكَاتُ} الأمم الآفكة من الإفك وهو الكذب أو المقلوبات بالخسف قوم لوط أو قارون وقومه لأنه خسف بهم. {بِالْخَاطِئَةِ} الذنوب والخطايا. {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)} {رَسُولَ رَبِّهِمْ} على ظاهره أو رسالة ربهم {رَّابِيَةً} شديدة أو مهلكة أو تربو بهم في العذاب أبداً أو مرتفعة أو رابية الشر أي زائدة. {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)} {طَغَا الْمَآءُ} على خُزَّانه غضباً لربه فلم يقدروا على منعه فزاد على كل شيء خمسة عشر ذراعاً أو زاد وكثر أو ظهر. {حَمَلْنَاكُمْ} في ظهور آبائكم أو آباءكم {الْجَارِيَةِ} سفينة نوح. {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)} {لِنَجْعَلَهَا} سفينة نوح تذكرة وعظة لهذه الأمة حتى أدركها أوائلهم أو كانت ألواحها على الجودي {وَاعِيَةٌ} سامعة «ع» أو مؤمنة أو حافظة أو أذن عقلت عن الله وانتفعت بما سمعت من كتابه، وعيت الشيء حفظته في نفسك وأوعيته حفظته في غيرك. {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15)} {الْوَاقِعَةُ} القيامة أو الصيحة أو ساعة فناء الخلق. {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)} {وَانشَقَّتِ} عن المجرة أو فتحت أبواباً {وَاهِيَةٌ} ضعيفة أو متخرقة وَهَى السقاء: انخرق، وقال: خَلِّ سبيل من وهَى سقاؤه *** ومن هُريق بالفلاة ماؤه أي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه. {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)} {أَرْجَآئِهَا} أرجاء السماء أو الدنيا حافَّاتها أو نواحيها أو أبوابها أو ما استدق منها. {فَوْقَهُمْ} يحملونه فوق رؤوسهم أو حملة العرش فوق الملائكة الذين على أرجائها أو فوق أهل القيامة {ثَمَانِيَةٌ} أملاك أو ثمانية صفوف من الملائكة أو ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكروبيون «ع» قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يحمله اليوم أربعة وهم يوم القيامة ثمانية». {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)} {لا يخفى} المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر أو لا يستتر منكم عورة. حفاة عراة. أو ما كانوا يخفونه من أعمالهم. {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} {هَآؤُمُ} أصله هاكم فأبدل أو يا هؤلاء أقرءوا تقول العرب للواحد ها وللأثنين هاؤما وللثلاثة هاؤم أو كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح. نادى أعرابي الرسول صلى الله عليه وسلم بصوت عالٍ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم هاؤم بطول صوته. {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)} {ظَنَنتُ} علمت أو أحسن الظن بربه فأحسن العمل {حِسَابِيَهْ} البعث أو الجزاء. {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)} {رَّاضِيَةٍ} مرضية. {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)} {الْقَاضِيَةَ} موتة لا حياة بعدها أو تمنى أن يموت في الحال. {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)} {سُلْطَانِيَهْ} ضلت عني حجتي أو سلطانه الذي تسلط به على بدنه حتى أقدم به على المعصية أو ما كان به في الدنيا مطاعاً في أتباعه عزيزاً بامتناعه قيل: نزلت في أبي جهل أو في الأسود بن عبد الأشد أخي أبي سلمة ينظر فيه. {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)} {حَمِيمٌ} قريب ينفعه أو يرد عنه كما كان في الدنيا. {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36)} {غِسْلِينٍ} غسالة أجوافهم فعلين من الغسل أو صديد أهل النار أو شجرة في النار هي أخبث طعامهم أو الماء الحار أشتد نضجه بلغة أزد شنوءة. {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)} {فَلآ أُقْسِمُ} لا صلة لما قال الوليد إن محمداً ساحر، وقال أبو جهل شاعر، وقال عقبة كاهن، أقسم الله تعالى على كذبهم {تُبْصِرُونَ} الأرض والسماء {وَمَا لا تُبْصِرُونَ} الملائكة أو تبصرون من الخلق وما لا تبصرون الخالق. {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)} {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ} إن القرآن لقول جبريل أو محمد صلى الله عليه وسلم. {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)} {بِالْيَمِينِ} لأخذنا قوته كلها أو بالحق أو بالقدرة أو قطعنا يده اليمنى «ح» أو أخذنا يمينه إذلالاً له واستخفافاً به كما يقال لمن يراد هوانه خذوا بيده. {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)} {الْوَتِينَ} حبل القلب ونياطه الذي القلب معلق به أو القلب ومراقِّه وما يليه أو الحبل الذي في الظهر أو عرق بين العلباء والحلقوم إرادة لقتله بقطع وتينه وإتلافه أو لأن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف. {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)} {لَتَذْكِرَةٌ} وإن القرآن لبيان أو رحمة أو موعظة أو نجاة. {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ} وإن القرآن لندامة على الكافر يوم القيامة. {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)} {لَحَقُّ الْيَقِينَ} حقاً يقيناً ليكونن القرآن حسرة على الكافر أو إن القرآن يقين عند جميع الخلق أيقن به المؤمن في الدنيا فنفعه وأيقن به الكافر في الآخرة فلم ينفعه. {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)} استخبر مستخبر متى يقع العذاب تكذيباً أو دعا داع بوقوع العذاب استهزاء أو طلب طالب {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} وهو النضر بن الحارث قال: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق} الآية [الأنفال: 32] وكان حامل لوائهم يوم بدر «ع» أو أبو جهل هو قائل ذلك أو جماعة من كفار قريش {بِعَذَابٍ} الآخرة أو يوم بدر بالقتل والأسر. {سال} بغير همز، سائل اسم وادٍ في جهنم لأن يسيل بالعذاب. {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3)} {ذِى الْمَعَارِجِ} الدرجات «ع» أو الفواضل والنعم أو العظمة والعلاء أو الملائكة لعروجهم إليه أو معارج السماء. {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} {تَعْرُجُ الْملآئِكَةُ} تصعد {وَالرُّوحُ} أرواح الموتى عند القبض أو جبريل عليه السلام أو خلق كهيئة الناس وليسوا بناس {خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} يوم القيامة «ح» أو مدة الدنيا لا يعلم كم مضى ولا كم بقي إلا الله أو لو تولى بعض الخلق حساب بعض كان مدته خمسين ألفاً ويفرغ الله تعالى منه في أسرع مدة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يحاسبهم بمقدار ما بين الصلاتين ولذلك سمى نفسه سريع الحساب وأسرع الحاسبين». {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)} {فَاصْبِرْ} على كفرهم قبل فرض الجهاد أو على قولهم مثل ساحر وشاعر وكاهن ومجنون «ح». {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6)} {يَرَوْنَهُ بَعِيداً} البعث أو عذاب النار بعيداً مستحيلاً غير كائن أو استبعدوا الآخرة. {وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)} {وَنَرَاهُ قَرِيباً} لأن كل آت قريب. {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8)} {كَالْمُهْلِ} كدردي الزيت «ع» أو كذوب النحاس والرصاص والفضة أو كقيح ودم. {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9)} {كَالْعِهْنِ} الصوف المصبوغ تلين بعد شدتها وتتفرق بعد اجتماعها. {يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11)} {يُبَصَّرُونَهُمْ} يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون أو يبصر المؤمنون الكافرين أو يبصر الكافرون الذين أضلوهم في النار أو يبصر المظلوم ظالمه والمقتول قاتله {يَوَدُّ} يحب أو يتمنى {الْمُجْرِمُ} الكافر {لَوْ يَفْتَدِى} بأعز أقاربه في الدنيا. {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13)} {وَفَصِيلَتِهِ} عشيرته التي تنصره. وقال أبو عبيدة الفصيلة دون القبيلة. {تُئْوِيهِ} يأوي إليها في نسبه أو من خوفه أو فصيلته أمه التي تربيه. {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15)} {لَظَى} اسم لجهنم لتلظيها وهو اشتداد حرها أو للدرك الثاني منها. {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16)} {لِّلشَّوَى} أطراف اليدين والرجلين أو جلدة الرأس أو العصب والعقب أو مكارم وجهه «ح» أو اللحم أو الجلد الذي على العظم لأن النار تشويه. {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17)} تدعوهم بأسمائهم يا كافر يا منافق أو عُبِّر عن مصيرهم إليها بدعائها لهم أو يدعوا خزنتها فأضيف الدعاء إليها {أَدْبَرَ} عن الإيمان {وَتَوَلَّى} إلى الكفر أو عن الطاعة وتولى عن الحق أو عن أمر الله وتولى عن كتاب الله أو أدبر عن القول وتولى عن العمل. {وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)} {وَجَمَعَ} المال فجعله في وعاء حفظاً له ومنعاً من أداء حق الله تعالى فيه فكان جموعاً منوعاً. {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} {الإِنسَانَ} الكافر عند الضحاك {هَلُوعاً} بخيلاً أو حريصاً أو ضجوراً أو ضعيفاً أو شديد الجزع أو معناه ما بعده «إذا مسه» الآية «ع». {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)} {مَسَّهُ} الخير لم يشكر والشر لم يصبر وإذا استغنى منع حق الله تعالى وشح وإذا افتقر سأل وألح. {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)} {دَآئِمُونَ} يحافظون على مواقيت فروضها أو يكثرون نوافلها أو لا يلتفتون فيها. {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32)} {لأَمَانَاتِهِمْ} ما ائتمنه الناس عليه {وَعَهْدِهِمْ} ما عاهدوه عليه أن يقوم بموجبهما أو الأمانة الزكاة أن يؤديها والعهد الجنابة أن يغتسل منها. {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)} {بِشَهَادَتِهِمْ} على أنبيائهم بالبلاغ وعلى الأمم بالقبول أو الامتناع أو بحفظ الحقوق تحملاً لها وأداء. {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)} {مُهْطِعِينَ} مسرعين أو معرضين أو ناظرين إليك تعجباً. {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37)} {عِزِينَ} متفرقين أو مجتنبين أو الرفقاء الحلفاء، أو الجماعة القليلة أو الحلق والفرق. خرج الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم حلق فقال: «ما لي أراكم عزين». {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)} {نَصْبٍ} الغاية التي ينصب إليها بصرك و{نُصُبٍ} واحد الأنصاب وهي الأصنام أو النَّصْب والنُّصُب واحد. إلى عَلَم يستبقون أو غايات يستبقون أو إلى أصنامهم يسرعون. وقيل إنها أحجار طوال كانوا يعبدونها أو إلى صخرة بيت المقدس يسرعون {يُوفِضُونَ} يسرعون. {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1)} {عَذَابٌ أَلِيمٌ} بنار الآخرة «ع» أو عذاب الدنيا بالطوفان فأنذرهم فلم ير مجيباً وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)} {مِّن ذُنُوبِكُمْ} من صلة أو بمعنى يخرجكم من ذنوبكم أو يغفر لكم منها ما استغفرتموه {وَيُؤَخِّرْكُمْ} إلى أجل موتكم فلا تهلكوا بالعذاب {أَجَلَ اللَّهِ} للبعث أو العذاب أو الموت {لَوْ كُنتُمْ} بمعنى إن كنتم أو لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجله إذا جاء لا يؤخر «ح». {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)} {دَعَوْتُ} دعوتهم ليلاً ونهاراً إلى عبادتك أو دعوتهم أن يعبدوك ليلاً ونهاراً. {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6)} {فِرَاراً} بلغنا أن أحدهم كان يذهب بابنه إليه فيقول: احذر هذا لا يغرنك فإن أبي ذهب إليه وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك. {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)} {كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ} إلى الإيمان {لِتَغْفِرَ لَهُمْ} ما تقدم من الشرك سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ليوئسوه من إجابة ما لم يسمعوه وكان حليماً صبوراً {وَأَصَرُّواْ} أقاموا على الكفر أو الإصرار تعمد الذنب «ح» أو سكتوا على ذنوبهم فلم يستغفروا {وَاسْتَكْبَرُواْ} بترك التوبة «ع» أو بكفرهم بالله تعالى وتكذيبهم نوحاً عليه الصلاة والسلام. {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8)} {جِهَاراً} مجاهرة يرى بعضهم بعضاً. {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)} {أَعْلَنتُ} الدعاء صحت به {وَأَسْرَرْتُ} الدعاء عن بعضهم من بعض دعاهم في وقت سراً وفي وقت جَهَر أو دعا بعضهم سراً وبعضهم جهراً مبالغة منه وتلطفاً. {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)} {اسْتَغْفِرُواْ} ترغيباً منه في التوبة. {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)} {مِّدْرَاراً} غيثاً متتابعاً قيل أجدبوا أربعين سنة فأذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم فلما علم حرصهم على الدنيا قال: هلموا إلى طاعة الله تعالى فإن فيها درك الدنيا والآخرة ترغيباً لهم في الإيمان. {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13)} {لا تَرْجُونَ} لا تعرفون له عظمه ولا تخشون عقابه ولا ترجون ثوابه «ع» أو لا تعرفون حقه ولا تشكرون نعمه أو لا تؤدون طاعته أو الوقار: الثبات منه {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] أي لا تثبتون وحدانيته. {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} {أطْوَاراً} طوراً نطفه وطوراً علقة وطوراً مضغة وطوراً عظماً ثم كسا العظام اللحم ثم أنشأه خلقاً آخر أنبت له الشعر وكمل له الصورة أو الأطوار اختلافهم طولاً وقصراً، وقوة وضعفاً وهماً وتصرفاً وغنى وفقراً. {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15)} {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} على سبع أرضين بين كل سماء وأرض خلق وأمر «ح» أو سبع سماوات طباقاً بعضهن فوق بعض كالقباب. {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)} {الْقَمَرَ فِيهِنَّ} معهن نوراً لأهل الأرض أو لأهل السماء والأرض. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء {سِرَاجاً} مصباحاً يضيء لأهل الأرض أو لأهل الأرض والسماء. {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17)} {أَنبَتَكُم} آدم خلقه من أديم الأرض كلها أو أنبتهم في الأرض بالكبر بعد الصغر وبالطول بعد القصر.
|